موضوع: يوم المرأة العـ^إأآلمي الخميس 10 مارس 2011, 7:11 pm
في الثامن من آذار احتفل العالم بيوم المرأة العالمي، وهو يوم تاريخي يرمز إلى نضال النساء العالمي من أجل التحرر والمساواة والعدالة الاجتماعية. ناضلت النساء تاريخياً وطالبن بتحسين ظروف عملهن ورفع مستوى أجورهن وخفض ساعات العمل والاعتراف بحقهن بالترشح والانتخاب... وما زالت النساء إلى يومنا تناضلن لانتزاع هذه الحقوق في وجه واقع مرير تواجهنه من استغلال يومي في عملهن، وفي منازلهن، وعنف اجتماعي وقانوني مسلّط على حياتهن، ووضع سياسي يلخّص بالأرقام والنسب المئوية الضعيفة. في لبنان، وبعد انتخابات 2005، لا تزال نسبة مشاركة النساء في الندوة البرلمانية 4.68%. أما على صعيد الانتخابات البلدية لعام 2004 فسجلت مشاركة النساء تراجعاً عن العام 1998. بالرغم من أن عدد الفائزات في العام 2004 (230) كان أكبر من عددهن في العام 1998 (139)، إلا أن نسبة الفائزات تراجعت نظراً لزيادة عدد البلديات المستحدثة. أمّا نسبة تولّي المرأة الوظائف العامة الإدارية فلا تتعدى 6.1%. للحديث عن مشاركة المرأة في الحياة السياسية لا بد من أن نتكلّم عن المؤسسات التي تنتظم فيها النساء، أي الجمعيات النسائية والنسوية والأحزاب السياسية، وتجربتها. نرى الكثير من الحملات والنشاطات الضرورية لتغيير واقع المرأة الحالي، وكمثل على تلك الحملات، "حملة تفعيل مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية" عام 2004، حيث تم طرح الموضوع على مستوى عام في كل المناطق ولم يقتصر على أفكار بعض النخب، بل كان النقاش يضم أناساً عاديين يناقشون الموضوع ويدعمون مشاركة المرأة في الانتخابات. هذا الموضوع يندرج أيضاً تحت تجنّب الجمعيات "تسييس" قضية المرأة وعدم الخوض فيها كجزء من نضال كامل ضد النظام القائم. فلا تستخدم الجمعيات النسائية الظلم المسلط على النساء لمحاربة النظام، بل تتّبع سياسة المحافظة عليه. الامتناع عن طرح قضية التحرر الجنسي للمرأة، بحجة أننا "نعيش في مجتمع محافظ"، هو أساس المحافظة على النظام الذي يعطي المرأة دوراً اجتماعياً محدداً بإنتاج الأطفال ورعاية العائلة. عملية إنتاج الأطفال تبدأ بحملهم وإنجابهم وتربيتهم وتعليمهم ورعاية صحتهم ثم التخلي عنهم ليكونوا مواطنين صالحين يخدمون الأمة/الوطن بعرق جبينهم، ويدافعون عنها بدمائهم وحياتهم. للحفاظ على استمرارية دورة الإنتاج هذه يتم وضع دور المرأة في إطار أخلاقي هو العائلة. وإذا خرجت عن هذا الإطار، أي عن هذا النظام، فقدت أنوثتها ومكانتها. من مشاكل المنظمات النسائية أيضاً، أن هناك بعض الوجوه المتكررة، من حملة الشهادات العليا، تتناوبن على قيادة هذه الجمعيات، دون أي مستوى حقيقي من النقاش الديمقراطي أو أي آلية ديمقراطية لنقل تجاربهن إلى الجيل الجديد الذي تستقطبنه، أو لإفساح المجال أمام الناشطات الجديدات ببناء أفكار جديدة. فمركز القرار هو في شخص الرئيسة، والهيئة الإدارية من حولها تكاد لم تتغير منذ أكثر من عشرين سنة. تجربة الجمعيات تشبه إلى حد كبير تجربة الأحزاب السياسية. فهذه الأخيرة تفصّل القضايا الاجتماعية عن برامجها الحزبية. هي تضع النساء في منظمات لا تبوح عن حقيقة هويتها السياسية. وأيضاً بحجة أن مجتمعنا محافظ، لا تطرح الأحزاب قضية تحرر المرأة أو أية قضية أخرى كقضية المثليين، أو خادمات المنازل (أي التمييز العنصري)، أو موضوع العنف أو أي موضوع اجتماعي آخر. نرى أيضاً أن هذه الأحزاب تهيمن على المنظمات النسائية والشبابية التابعة لها وتستعملها لإنشاء علاقات اجتماعية أو للترفيه أو لاستقطاب سياسي غير مبني على أسس واضحة. مثال على ذلك، ترشّح رئيسة لجنة حقوق المرأة، ليندا مطر، كمستقلة في الانتخابات النيابية عام 2000 بدعم من الجمعيات النسائية. الترشّح حصل على دعم الحزب الشيوعي اللبناني من دون الشرح إلى الرأي العام علاقة اللجنة بالحزب، أو مدى التأثير السياسي لهذا الترشح في دعم المرشحين في وجه الحريري أو لمحاولة إضعاف أصواته. في اعتصام الجمعيات النسائية الأخير على المتحف في 5 شباط تحت اسم "هيئات وفعاليات نسائية لبنانية"، رُفعت شعارات الوحدة الوطنية وتأييد السلم الأهلي ورفض الحرب الأهلية. إلا أن الاعتصام كرر خطاب التوفيق بين وجهات النظر، و"أحبوا بعضكم" أو "اتفقوا وخلّصونا"، أي الخطاب الذي يدعو إلى مساومة جديدة مع النظام الطائفي. لا نقول أن الحرب الأهلية هي الحل لأزمة النظام الحاضرة، بل أخذ موقف محايد كهذا، يدعو إلى التوافق، يضرب أي محاولة جدية لتغييره. وإذ تطالب بعض الجمعيات بنظام علماني يحفظ حقوق المرأة، فبمساومة جديدة مع النظام نكون أبقينا على الوضع القائم. من هنا، إن قضية مشاركة المرأة في الحياة السياسية تندرج ضمن ضرورة نضالها ضد هذا النظام الذكوري الطائفي الرأسمالي. ولذلك هناك ضرورة لتحالف منظمات المجتمع المدني من جمعيات وأحزاب ونقابات ضد النظام القائم. فإن تحرر المرأة يأتي مع القضاء على هذا النظام وبناء مجتمع العدالة الاجتماعية والمساواة، حيث تزول الطبقات والتمييز على أساس العرق والجنس والهوية الجنسية والعمر أو أي شكل آخر من أشكال التمييز التي يتبعها النظام الرأسمالي ضمن إستراتيجية فرًق تسد. لا يمكن فهم قضية المرأة خارج إطار النظام الذكوري القائم. فالبنية الحقوقية للإنسان من أين تنبع؟ من مؤسسات هذا النظام، ومن إعادة إنتاج نفسه، كمولد للأزمات، ومعالج لها، أو قل كمخدر لها. بالطبع لا يمكن الرهان على هذا النظام، وعلى "بطئه" المتعمد، في عملية إقراره للحقوق من مبدأ تكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، والمساواة بين الجنسين، وإقرار الحقوق المدنية الكاملة للمثليين(ات). اللائحة تطول، ولا ينفع التأفف. لمواجهة الواقع، يتعين على الحركات النسائية الخروج من الغيتو، من عقلية المُضْطَهَد(ة)، وأن تأخذن زمام المبادرة وتوحدن جهودهن مع كافة فئات المجتمع، بغية قلب الواقع برمته. أو فلتنتظرن موت النظام البطيء.
|| آلجنس 
